ذكريات

يوما رماضانيا , كنا كلنا علي اهبة الافطار , اتحرك بكل طاقاتي لا سحب دورق الماء , كنت في الصف الثاني الابتدائي , كان علي ان اكمل الصيام الي اخر اليوم طبعا, ليس لطيفا ابدا ان اظل اصوم فقط للظهر او للعصر , كان هذا يليق بي قبل سنة واحدة , اما الان , فلم يعد الامر ساخرا او لطيفا كما كان


كنت طبعا اتحاشي نظرات الشك من كل المحيطين بي , فامي تعلم جيدا انها لو غفلت عني بعض اللحظات , ستنال مني نفسي , والنفس امارة بالسوء كما يعلم القاصي والداني , بالتاكيد كان الصيام صعبا للغاية , ( طبعا الوضع دلوقتي اختلف , عشان محدش يفهمني غلط ) , لكن في ظل كل هذه الظروف الصعبة , اكملت هذا اليوم لاخره و كنت مثلا يحتذي به لكل من هم في مثل سني , كما كنت دائما وساظل طبعا ( من يومي والله ) , علي كل كان اذان المغرب في اذني كتغريد عصفور جنة جميل , سحبت الماء كاول شئ فكر قلبي وعقلي فيه , هو خلاصي و املي الان


من المضحك لي عندما اتذكر نفسي انني كنت اشبه كثيرا باقي الصائمين في اسرتي الي حد كبير , كنت انظر اليهم واحد واحد , واقوم بالتقليد بكل طاقاتي , ابي , استعد للطعام وشمر ساعدية , فشمرت مثله , لكني توقفت عندما رايت امي تقوم بدعاء متكرر علي الافطار , قبله دعاء صامت سري , فاخذت اردد مثلها بالضبط ( اللهم اني لك صمت , وعلي رزقك افطرت , ذهب الظمأ, وابتلت العروق , وثبت الاجر , ان شاء الله ) , كررته وراء امي دون ان افهمه كثيرا , ولكنني احببته وحفظته عن ظهر قلب , لم تمر ثوان معدودة , حتي اتجهوا الي الماء , في هذه بالذات كان التقليد في غاية السوء , فقد اخذت كوب الماء وكاني لم اشرب في حياتي من قبل


شربت اكثر من ثلاث اكواب ماء , كنت اشعر بعطش شديد جدا , لدرجة ان امي منعتني بعدها من الماء لكي استطيع الاكل


لا اتذكر كثيرا ماذا اكلت في هذا اليوم , لكني اتذكر بشدة بوجي وطمطم , كنت انا واخي من هواة بوجي وطمطم ,( كانت طماطم لسة ما ظهرتش في الاجزاء الاولي ), اتذكر ايضا عم كشكش و مواقفه وصوته وكل شئ فيه .


كل شئ في هذا اليوم ايضا يشبه ذلك اليوم .... الاذان , الاسرة , الماء , اما بوجي وطمطم , فقد تحول الي ظاظا وجرجير بمرور الوقت , حتي ًالدعاء ( اللهم اني لك صمت و علي رزقك افطرت , وعليك توكلت , ذهب الظمأ و ابتلت العروق , وثبت الاجر , ان شاء الله ) , علي الرغم من اني افهمه هذا اليوم , اشعر به , الا انه هو نفس الدعاء , اللهم فقط انه قد مر حوالي ستة عشر عاما علي هذا اليوم ( الشئ بالشئ يذكر ) , مش كدة.